ان تخزين الحبوب يعد عنصرا رئيسيا لان إنتاج الحبوب يتميز بكونه يخضع لنظام الدروة الزراعية، التي تمتد ما بين أكتوبر(فترة الزرع) ويوليوز ( فترة الحصاد). وهكذا فإن جمع المحصول يتم عادة خلال فترة قصيرة لا تتعدى شهرين، بينما يتوزع الاستهلاك على مدار السنة.
لهذا فإن الخزن يشكل عنصرا رئيسيا في تنظيم عملية التموين المنتظم للأسواق بالكميات اللازمة وبالأثمنة المناسبة ومعلوم أن عملية الخزن لا تؤدي في الغالب إلى الرفع من جودة المخزون، بل تسعی أساسا إلى صيانة ومنع تدهور صفات هذه الجودة التي يتميز بها المحصول قبل الخزن.
غير أن هناك الكثير من الحالات التي يتعرض فيها المحصول للتلف والتدهور عند خزنه في ظروف غير ملائمة من الحرارة والرطوبة وسهولة الإصابة بالآفات، مما يكون له الانعكاس السلبي ليس على المنتج والتاجر فحسب، بل يتعداه إلى دفع الدولة إلى استيراد كميات إضافية من الحبوب لتغطية الحاجيات الوطنية.
ولا شك أن نسبة التلف من المحصول المخزن، تتعلق بشروط التخزين المتمثلة في سلامة المحصول قبل الخزن، طبيعة وحدة الخزن وتقنياتها، ومدة الخزن، إلا أن الباحثين يتفقون على أن معدل هذه النسبة للحبوب والقطاني بالدول النامية تصل إلى 10 %، وأن معدلا كهذا يعطي الدلالة الكافية على الكميات الضائعة سنويا، مما يحتم العمل على جميع المستويات لخفضها.
لذا فإن سلامة المخزون تتأثر بسلامة المستودعات المخصصة لهذا الغرض، فالمخزن الرديء يلحق الضرر بمخزونه. أما المستوفي للشروط الصحية فيساهم مساهمة كبرى في الحفاظ على سلامة المخزون.
وتهدف هذه المقالة إلى إعطاء نظرة موجزة حول العوامل المؤثرة في جودة التخزين نظم التخزين العصرية والتقليدية إيجابياتها وسلبياتها وطرق استعمالها واستغلالها وذلك من أجل الرفع من جودة نظام تخزين الحبوب.
1-العوامل المؤثرة في جودة التخزين
نذكر: إن ضبط مستوى العلاقة بين درجتي الرطوبة و الحرارة في كتلة الحبوب المخزونة هو الضمانة الأنيدة لسلامة المخزون و صيانة جودته.
أ- الحرارة
يرتبط ارتفاع درجة حرارة المخزون بحرارة الجو المحيط به، و كطا نوع و بنية و تقنية التخزين المتبعة، و يؤثر ارتفاع درجة الحرارة على:
- – تنشيط عملية تنفس الحبوب، و تكاثف بخار الماء في جو المخزون.
- – خلق البيئة المناسبة لنمو و تكاثر الححشرات التي تنشط في استهلاك المخزون.
تبليل سطح الحبوب، و ارتفاع رطوبتها، مما يخلق الجو الملائم للتعفن.
ولتفادي ذلك يجب تجديد هواء المخزون، إما اعتمادا على تصميم ملائم لوحدة الخزن، بحيث يضمن تجديد الهواء طبيعيا عبر نوافذ و أبواب، أو توفير التهوية الآلية.
ولاشك أن هذا الأمر يزداد أهمية اعتبارا للمناخ الحار الذي يتميز به موسم حصاد الحبوب و خزنها عموما، حيث تتجاوز درجة الحرارة C°40 في بعض المناطق أثناء موسم الحصاد و الخزن، مما يفرض توفير الوسائل المناسبة التهوية وحدات الخزن.
ب – الرطوبة
يعود مصدر الرطوبة في الحبوب، لعدم اكتمال عملية تجفيفها بعد الحصاد، او رطوبة أرضية المخزن و ضعف عزل جدرانه لها، أو عند ارتفاع درجة الحرارة، و ينتج عن ذلك ارتفاع الرطوبة الشيء الذي يساعد على:
- تسريع عملية تنفس الحبوب، مما يؤدي إلى رفع درجة حرارة جو المخزن، و مع استمرار ارتفاع الرطوبة تنشط الحبوب و تبدأ في التكشف و الإنباث ثم الموت.
- خلق البيئة المناسبة لنمو فطريات التعفن على حساب المخزون، فتتدهور جودته مما يفقده قيمته في الأسواق وقد يؤدي ذلك إلى الإتلاف الكلي للمحصول في حالة استمرار خزنه في ظروف الرطوبة العالية.
و لتفادي هذه الوضعية، يجب العمل على خفض رطوبة الحبوب بالتجفيف قبل الخزن، عند الاقتضاء و عزل الرطوبة الأرضية عنها، و تقوية عزل جدران المخزن.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه في الظروف المناخية الوطنية، عادة ما تتراوح نسبة رطوبة الحبوب الحبية – خصوصا القمح والشعير- ما بين 12 و 13% مما يجعلها قابلة للخزن.
2- حشرات المخازن والقوارض
تسهل مقاومة هذه الآفات عندما يكون المحصول المراد خزنه سليما، أو عند معالجته قبل الخزن إذا كان مصابا، و تتمثل هذه الآفات في حشرات السوس بانواعها المختلفة و التي تصيب الحبوب كالقمح و الشعير، و كذا فراشة الحبوب و خنافس البقوليا، و التي تصيب مختلف أصناف البقوليات، ناهيك عن تعرض لمخازن لسطو الفئران و الجردان.
تعمل الحشرات على رفع درجة حرارة جو المخزن بسبب نشاطها الحيوي في التكاثر و التنفس، مما يضعف حيوية البذور، و يدهور جودتها و يخفض قيمتها التجارية
3- نظم التخزين التقليدية
إن أساليب الخزن التقليدية لازالت منتشرة على مستوى الضيعة ويتم اللجوء إلى هذا النوع من الخزن عند وفرة الإنتاج، و من ضمن هذه النظم نجد ما يلي:
السلة
السلة القصبية هي وسيلة لتخزين الحبوب والقطاني، تستعمل هذه التقنية بمختلف المناطق. والسلة عبارة عن وحدة تخزين مصنوعة محليا من القصب، ذات شكل أسطواني، وتكون بأحجام مختلفة.
ويكون تخزين الحبوب في السلال بشكل سائب، وتتم تعبئتها باليد، وذلك بتفريغ محتوى الأكياس، و يمكن أن تصل مدة التخزين بهذه الطريقة إلى سنتين.
ومن سلبيات التخزين بالسلال، سهولة تعرضها للقوارض وإصابتها بحشرات الحبوب المخزونة، وسرعة العطب أثناء التداول والتعبئة والإفراغ.
ولحماية السلال والمخزون أظهرت البحوث أن تغليف السلال باكياس من البلاستيك يعمل على حماية المخزون من تسرب الرطوبة و خلق جو کتیم ( جو مغلق) داخل السلة يساعد على استقرار غاز ثاني أكسيد الكربون ضمن المخزون نظرا لفعاليته الإيجابية ضد الأنشطة الحيوية.
خزانات الحبوب الجوفية
إن استعمال خزانات الحبوب الجوفية (المطمورة) تقنية عريقة واسعة الانتشار في عدد من المناطق، ويطلق على الخزان اسم المطمورة.
وتخزن الحبوب في المطمورة بشكل سائب، ويتم ملء المطمورة من فوهتها تحت تاثير الجاذبية الأرضية، ويستعمل عادة التبن كمادة لتغليف جدران المطمورة ليلعب دور الحاجز بين المخزون ورطوبة التربة ومياه الأمطار، كما يقوم الفلاح بحفر قناة مخروطية مباشرة تحت مدخل المطمورة لتصريف مياه الأمطار الجارية.
وتتميز المطمورة بما يلي:
- كون درجة حرارتها منخفظة وثابتة.
- كذلك تخلق جوا كتيما ( جو مغلق ) للمخزون.
- انخفاض تكليف الصيانة.
ومن أهم التحسينات التي يجب إدخالها على المطمورة للحفاظ على جودة المخزون هو استعمال أكياس البلاستيك المصنوعة من مادة “بولي ايتيلان” والموجود في الأسواق بشكل أسطواني، يبلغ سمك الورقة الواحدة منها بين 15،0 مم إلى 20 مم، ويصل عرضها إلى 4 م.
وعند مقارنة التغليف بالتبن والتغليف بالأكياس البلاستيكية نجد أن هذا الأخير يخفض نسبة التلف في المحصول من 20% في حالة التبن إلى 3 % فقط في حالة الأكياس البلاستيكية، وتجدر الإشارة إلى أن صلاحية استعمال الكيس تقدر بموسمين أو أكثر
• ملء وغلق المطمورة :
يدخل الكيس المعد سلفا داخل المطمورة قبل أن يشرع في عملية التعبئة.
يكون مستوى ارتفاع الكيس أعلى من مستوى ارتفاع مخزون الحبوب بالمطمورة بمتر واحد، حيث يتم ربط الكيس جيدا من الأعلى بعد التعبئة وبعد إفراغ الهواء من داخله، كما يجب ملء عنق الخزان بالتراب لضمان عزل هوائي وحراري.
يجب أن يكون مدخل المطمورة مرتفعا عن مستوى سطح التربة لتفادي سيلان مياه الأمطار إلى داخل المطمورة.
• فتح وإفراغ المطمورة:
قبل الشروع في إفراغ المطمورة تترك مفتوحة لتهويتها وإعطاء الفرصة لخروج غاز ثاني أكسيد الكربون المتراكم أثناء التخزين. وعليه فإنه من المستحسن ألا نكثر من فتح المطمورة بعد إغلاقها، وأن نفرغها كاملة حيث أن مطمورة نصف مملوءة تحتوي كمية من الهواء تكون سببا في توفير الظروف المواتية لنشاط الحشرات.
4- نظم التخزين الحديثة
أ- التخزين داخل المستودعات المغطاة
تستعمل هذه الطريقة لتخزين الحبوب في مستودعات مخصصة للتخزين، كما يتم التخزين إما في الأكياس أو بشكل سائب أو هما معا. نجد هذا تنوع من التخزين عند تجار الحبوب والمطاحن، ويجب أن تتوفر هذه المستودعات أن تتوفر على الشروط التالية:
- أن تكون أرض المستودع مرتفعة نسبيا عن سطح الأرض المجاورة.
- أن تكون الجدران مصقولة ليسهل تعقيمها. . أن تكون الزوايا غير حادة کی لا تعشش فيها الحشرات.
- أن يكون مجهزا بنوافذ كافية من كافة الإتجاهات لينفذ منها النور والهواء ومغطاة من الخارج بشباك صغيرة الثقوب، ومجهزة بأبواب زجاجية من الداخل.
- أن تكون سقوف المستودعات مغطاة بصفة محكمة الاسمنت المسلح)، ومفروشة من الخارج بطبقة من الإسفلت.
- أن تكون ابواب المستودعات سليمة محكمة الإقفال، وان تكون المداخل مجهزة بعتبة مرتفعة خلف الأبواب مباشرة لمنع تسرب الماء والقوارض.
إن توفر هذه الشروط في المستودعات لا يحقق الهدف المرجو ما لم تتبع الطريقة المثلى في التخزين داخل هذه المستودعات، والمتمثلة في
و أن تكون الأكداس بعيدة عن الجدران (100 سم) على الأقل. . أن تترك ممرات بين الأكداس بعرض (100 سم). . أن لا يزيد عرض الكدس عن 5م وطوله عن 10 م. ، أن تفرش أرضية الكدس بألواح أو شرائح من مادة عازلة بأبعاد مناسبة لمنع
الرطوبة عن المخزون.
أفضل التدابير التطبيقية لتخزين الحبوب في المستودعات:
- إعداد مكان تخزين الحبوب بما في ذلك من تنظيف الأرضية وحيطان وأسقف المستودع ( لا يجب إغفال تنظيف الزوايا والأماكن التي يمكنها أن تكون ملجا للحشرات والقوارض).
- لا يجب استعمال الأكياس الممزقة.
- يجب أن لا يوضع المخزون مباشرة على الأرض أو على الحيطان.
- ترك ممرات لحركة الهواء، وسهولة تداول المخزون.
- تعليق لوحة تسجل عليها المعطيات التي تمكن من معرفة حركة المخزون وتاريخ خزنه ( مصدر الحبوب، تاريخ دخولها إلى المخزن، تبدلات درجات حرارتها، والتدخلات العلاجية التي تمت عليها المواصفات النوعية وتطوراتها،… الخ).
- عدم خلط أصناف الحبوب المختلفة مع بعضها.
- ترتيب الأكياس بطريقة يسهل التعرف عليها.
ب – الصوامع المعدنية
يقوم الاتجاه الحديث في تخزين الحبوب والقطاني، على الخزن السائب في الصوامع العمودية، المعدنية، حيث تكون هذه الوحدات مرفقة باجهزة تمكن من المراقبة المستمرة للمخزون ومن التدخل السريع عند الحاجة.
و تتكون صومعة التخزين المعدنية، من مجموعة من الصفائح اللينة بسمك 2 مم والمتراصة مع بعضها، يبلغ ارتفاع الصومعة 76،3م، وارتفاع سقفها المحدب يصل إلى 90 م، وطاقتها 44 طن.
وتعتبر تبريد او تهوية الحبوب المخزونة بالصوامع المعدنية من ضرورات التخزين الضمان استقرار درجة الحرارة داخل جسم الصومعة بما يضمن خزنا جيدا. ولهذا يجب أن تتوفر الصومعة على جهاز تهوية.
دور التهوية :
يتجلى الدور الأساسي للتهوية في تبريد الحبوب وإبقائها ضمن درجة الحرارة المناسبة للتخزين، كما أن لها أدوار أخرى متباينة الأهمية:
- إبقاء درجة حرارة الحبوب المخزونة ثابتة.
- جعل رطوبتها متجانسة.
- طرد كل الروائح الغير مرغوب فيها.
كما يجب أن تكون الصوامع المعدنية كذل متوفرة على أجهزة المراقبة و القياس بأعداد كافية وفي مواقع مناسبة، وتوزيع ملائم.
أفضل التدابير التطبيقية لتخزين الحبوب في الصومعة:
- إعداد مكان تخزين الحبوب.
- تنظيف خلايا الصومعة.
- القيام بمعالجة وقائية للصومعة ضد الحشرات.
- عدم خلط الحبوب المختلفة في جودتها.
- وضع أجهزة مراقبة مستمرة لشروط الخزن من حرارة ورطوبة وآفات.
- وضع آليات للقيام بعمليات ترحيل المخزون من صومعة إلى أخرى .
ج – التخزين في العراء
كما في جل البلاد النامية، تعتبر طريقة تخزين الحبوب في العراء – إما بشكل سائب أو في الأكياس أو هما معا. تقنية واسعة الانتشار، كما يكثر استعمالها في سنوات الإنتاج الوفير، وخلال الأشهر التي تلي الحصاد، أو عند الرغبة في التخزين لفترة قصيرة. ونظرا لاستمرار ضرورة اعتماد هذه الطريقة في التخزين، وحتى تكون مجدية، لابد أن تتوفر فيها الشروط التالية :
أن يكون مستوى أرضية التخزين مرتفع عن مستوى الأراضي المجاورة وبعيدة عن مجرى السيول وتجمعات المياه.
أن تفرش بطبقة من مادة عازلة بسماكة تتراوح بين 20 سم و30 سم، تستثني بعض المواد العضوية وبخاصة التبن.
أن يكون كدس الأكياس متوسط الحجم تبعا لنوع المخزون ولمادة صناعة الأكياس وغيرها، وتكون أبعاد الكدس في المتوسط :-العرض 5م. . الطول 10 م. . الإرتفاع 8 أكياس. – الهرم 9 اكياس.
حفر مجرى حول أكداس الأكياس لتصريف المياه .
إحاطة الأكداس بالواح عازلة على أن يكون 25 سم من الألواح تحت مستوى الكدس.
تغطية الأكداس بالمشمعات ( البلاستيك المصنوع من مادة ” عديد الإيثيلين -Polyethylene “) وبشكل كامل حتى تصل أطراف الأغطية إلى منتصف الألواح، وتثبيت هذه الأغطية بواسطة شبكة من الحبال مشدودة من جوانب الكدس.